وصل المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة الاثنين إلى مدينة بنغازي، بينما تشهد العلاقات بين الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر والبعثة الأممية توترا غير مسبوق.
واشارت البعثة الاممية في بيان مقتضب عبر صفحتها على «فيسبوك»، إلى أنّ حفتر وسلامة ناقشا «التطورات في الجنوب، والوضع الإنساني في درنة، والاستعدادات للملتقى الوطني»، فضلاً عن الوضع السياسي في ليبيا بشكل عام.
وبحسب تقرير لجريدة “العرب” الصادرة من لندن، فقد تزايدت في الأسابيع الأخيرة الدعوات المطالبة برحيل البعثة الأممية بعد اتهامات لها بالانحياز لتيار الإسلام السياسي. ويتهم البعض البعثة الأممية بالتواطؤ مع الإسلاميين والسير نحو إجراء انتخابات برلمانية مع تأجيل الرئاسية إلى حين صدور الدستور.
ويقول هؤلاء إن هذا القرار سيتم الإعلان عنه خلال المؤتمر الجامع الذي كانت البعثة الأممية تخطط لعقده في الربيع، قبل أن تعلن نية تأجيله.
وحذّر سياسيون ليبيون من مغبة إجراء انتخابات لا تنهي الانقسام والفوضى العاصفين بالبلاد منذ سنوات. وبرز منذ نهاية 2016 مقترح إجراء الانتخابات مع وصول مفاوضات توحيد السلطات بين مجلسي النواب والدولة إلى طريق مسدود.
و قال عضو مجلس النواب عبدالسلام نصية الأسبوع الماضي، إن إجراء انتخابات برلمانية فقط يعني الإصرار على استمرار الفوضى والتمسك بعدم قيام مؤسسات الدولة.
وكان رئيس مجلس النواب عقيلة صالح قال نهاية يناير الماضي إن “المؤتمر الجامع سيفشل”، معتبراً أنه “انقلاب على الشرعية والدستور”. وقال عقيلة لوكالة “سبوتنيك” الروسية، “سيفشل لسبب وحيد وهو أن ما سُرِّب عن هذا المؤتمر الجامع فرض دستورًا وأجندة جاءت من خارج ليبيا”.
وأضاف “هذه الأجندة كما تم تسريبها تهدف لإلغاء السلطات وتكوين سلطات جديدة، فمن المعروف أن من ينشئ السلطات واختصاصاتها هو الدستور”.
وزادت وتيرة التحركات القبلية الفترة الماضية لوضع حد للأزمة الليبية، التي أدخلتها بعثة الأمم المتحدة في نفق مظلم بسبب إصرارها على عقد ملتقى وطني جامع لا تتوفر فيه مقومات مجتمعية وسياسية حقيقية، ويحاول التيار الإسلامي اختطاف المؤتمر الجامع لتحقيق مصالحه الضيقة.
ويقود المجلس الاجتماعي لقبيلة ورفلة في مدينة بني وليد الليبية، تحركا واسعا لتنظيم ملتقى هو الأكبر للقبائل والمدن الليبية في تاريخ البلاد، عبر حشد أكبر عدد ممكن من المكونات الاجتماعية من مختلف المدن الليبية، بعد نجاح الوساطة التي قام بها المجلس الاجتماعي لـ”ورفلة” بين ترهونة وطرابلس مؤخرا.
ونجحت جهود المجلس، الذي يترأسه الشيخ عقيلة الجمل ونخبة من مشايخ ورفلة من كافة أقسامها، في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين طرابلس وترهونة نهاية يناير الماضي وعلى إثر الاتفاق تم تبادل جثامين القتلى بين الجانبين وتبادل الأسرى.
ويرى مراقبون أن الزيارة التي قام بها غسان سلامة إلى القاهرة مطلع الشهر الحالي، كانت محاولة لاستعادة الثقة في تحركاته لحل الأزمة الليبية، بعد هجوم تعرض له بسبب استنكار البعثة لتحركات الجيش في الجنوب، لتطهيره من الإرهاب والعصابات التشادية المسلحة.
ويتعمد المبعوث الأممي التقليل من الدور الذي يلعبه الجيش الوطني في محاربة الإرهاب وتجاهل انتصاراته، وهو ما ظهرت تجلياته في إفادة سلامة أمام مجلس الأمن في 18 يناير الماضي، نفس اليوم الذي قضى فيه الجيش على القيادي في تنظيم القاعدة أبي طلحة الليبي وثلاثة من مرافقيه.
وتوترت علاقة سلامة بالجيش بشكل غير مسبوق بعد تلك الإحاطة. وقال المتحدث باسم الجيش العميد أحمد المسماري إن قواته تعتبر مبعوث الأمم المتحدة خصما يساهم في الأزمة العنيفة التي تشهدها ليبيا.
وأضاف المسماري “الحقيقة سلامة تحوّل إلى معارض… وأصبح جزءا من الأزمة الليبية”، مضيفا أن انتشار القوات في مدينة سبها الجنوبية سيعزز الأمن للسكان وحقول النفط.
وأوضح المسماري “غسان سلامة يجب أن يتذكر أن هذا واجب وطني مقدس ولن نترك ليبيا مثل لبنان دولة ميليشيات وسلطات متعددة”. باعتبار أن غسان سلامة من لبنان.
وتأتي زيارة سلامة لبنغازي بعد مشاركته في مؤتمر ميونيخ حيث عقد سلسلة من اللقاءات مع عدة مسؤولين وسياسيين عرب وأجانب. واللافت هو غياب نائبته ستيفاني ويليامز عن هذه الزيارة، وهي المتهمة بالانحياز للإسلاميين والمجلس الرئاسي بقيادة فايز السراج.
ويرجع الكثير من المتابعين انحراف مسار البعثة الأممية إلى تعيين ستيفاني في يونيو الماضي، مؤكدين أنها باتت الرئيس الفعلي للبعثة مقابل تهميش دور غسان سلامة.
ويفسح ارتباك المسار السياسي المجال للحل العسكري لإنهاء الأزمة وهو ما يستعد له الجيش. وقال المسماري في تصريحات إعلامية الاثنين، إن “شكوى السراج لمجلس الأمن جاءت بسبب قرب المعركة من العاصمة طرابلس″، في إشارة إلى الرسالة التي وجهها مندوب حكومة الوفاق في الأمم المتحدة مهدي المجربي والتي دعا من خلالها المجتمع الدولي إلى تحرك يتصدى لتمدد الجيش شمالا وجنوبا.
اضف تعليق