العربي الجديد (عمرو الفقي/رويترز)
قبل نحو أسبوع، لم يظنّ أهالي درنة شمال شرقي أنّهم سوف يعيشون قريباً جداً واحدة من أبشع الكوارث التي تحلّ بهم، وبالبلاد ككلّ. كثر منهم لم يصدّقوا أنّهم سوف يكونون من الناجين ويخبرون ما شهدوه، فيما آخرون لم يعتقدوا في لحظة أنّهم سوف يُدفنون تحت الأنقاض والوحول وفي البحر، حاملين معهم ذلك الرعب الرهيب الذي خبروه.
حتى اليوم، بعد سبعة أيام من كارثة الفيضانات التي تسبّبت فيها العاصفة دانيال، ما زالت فرق البحث والإنقاذ تعمل على انتشال الجثث في مدينة درنة وغيرها، فيما يحاول الناس التعرّف إلى أهلهم وأحبائهم الذين ابتلعتهم السيول الجارفة على غفلة.
وتبدو أعداد الضحايا مجرّد تفصيل وسط المأساة، لا سيّما أنّ الآلاف هم في عداد المفقودين، ومن المرجّح أنّ هؤلاء سوف يُضافون إلى آلاف القتلى التي يُعلَن عنهم تباعاً، وسط تضارب في الأرقام بحسب الجهة المعلنة.
أفادت وكالة الأنباء الليبية الرسمية بأنّ الفريق المكلّف من حكومة الوحدة الوطنية بحصر الأضرار في مدينة درنة، شمال شرقي البلاد، قدّر العدد الإجمالي للمباني المتضرّرة من الفيضانات بنحو 1500 من إجمالي 6142 مبنى في المدينة.
وأوضح الفريق في إحصائية أولية أنّ عدد المباني المدمّرة كلياً بلغ 891 مبنى، وجزئياً 211، في غمرت الوحول 398 مبنى.
كذلك تُقدَّر المساحة الإجمالية للمنطقة التي غمرتها السيول في درنة بستّة كيلومترات مربّعة.
أفادت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية، اليوم الأحد، بأنّها تواجه صعوبات حقيقية بحصر أعداد المفقودين والناجين من الجالية الفلسطينية من جرّاء العاصفة دانيال التي ضربت ليبيا أخيراً.
وقال المستشار السياسي لوزير الخارجية والمغتربين الفلسطيني السفير أحمد الديك، في بيان صحافي، إنّ “الوزارة بتوجيهات الرئيس محمود عباس ورئيس الوزراء محمد اشتية وبتعليمات معالي وزير الخارجية والمغتربين رياض المالكي، تتابع باهتمام كبير كلّ المستجدات التي تتعلّق بأوضاع الجالية الفلسطينية في المنطقة الشرقية” التي ضربتها العاصفة المدمّرة في ليبيا.
أضاف الديك أنّ “الأسر الفلسطينية في تلك المنطقة تعيش حالة مأساوية حقيقية وكارثية”، إذ “تشتّتت الأسر وفقدت فلذات أكبادها وتواصل البحث والسؤال عنهم”، إذ إنّ “العشرات في عداد المفقودين”، خصوصاً أنّ الفيضانات جرفت مناطق وشوارع ومنازل بأكملها فيما الناس نيام”.
وأشار الديك الى أنّ ثمّة أسراً وجدت عدداً من أفرادها أحياء بعد طول عناء، بعدما كانوا قد فرّوا من الكارثة، في حين أنّ العشرات ما زالوا مفقودين.
أضاف الديك أنّه ما زال يتعذّر حتى اللحظة إجراء فحوصات الحمض النووي لمئات الجثث التي يقذفها البحر، الأمر الذي يزيد من صعوبة التعرّف إلى أصحابها.
وأكد الديك أنّ الوزارة في حاجة إلى “مزيد من الوقت حتى تتمكّن من الحصول على معلومات دقيقة بشأن أعداد الذين وُجدوا أحياء وأعداد المفقودين حتى الآن”.
وبيّن الديك أنّ عدد الأشخاص الذين تمكّنت وزارة الخارجية الفلسطينية من إثبات حقيقة وفاتهم هو 23 مواطناً أُعلن بالفعل عن وفاتهم، لافتاً إلى أنّ الوزارة سوف تعلن عن كلّ ما يستجدّ بهذا الخصوص.
أفاد رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي بأنّ الانقسام المؤسساتي في بلاده يعرقل جهود الإنقاذ، مشدّداً على الحاجة إلى مؤسسات موحّدة تشرف على أزمة الفيضانات التي ضربت شرقي البلاد.
وجاء ذلك في كلمة للمنفي، أمس السبت، خلال ترؤسه، إلى جانب رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، اجتماعاً طارئاً عُقد في طرابلس.
ووفق بيان المجلس الرئاسي، بحث الاجتماع “جهود مختلف الأجهزة والمؤسسات في التعامل مع الأزمة الإنسانية في شرق ليبيا عموماً ومدن درنة والجبل الأخضر خصوصاً”.
وقال المنفي، في خلال الاجتماع الذي حضره عدد من الوزراء في الفريق الحكومي للطوارئ والاستجابة السريعة، “لكي تعود درنة (إلى ما كانت عليه) تُطلب منّا جميعاً حلول حقيقية وآليات واقعية وفاعلة تشمل مكافحة الفساد ومنع استغلال الأزمات أو تعطيل المساعدات أو الاستيلاء عليها”.
أضاف: “نحتاج إلى مؤسسات وهيئات ليبية موحّدة تشرف على الأزمة وتتعاون مع الجهود الدولية في كلّ مراحلها، فالانقسام المؤسساتي يعرقل جهود الإنقاذ وفاعليتها”.
وفي خلال الاجتماع ذاته قال المنفي: “نحتاج إلى تفعيل أسرع واستفادة أكبر من تعاطف واهتمام المجتمع الدولي في كلّ المسارات والمراحل، وهذا يحتاج إلى خطة وتنسيق بين المجلس الرئاسي ووزارة الخارجية وبين القائد الأعلى والقيادات العسكرية وبين السفراء والمنظمات الدولية”.
وأكمل: “علينا أن نكون صادقين مع أنفسنا وشعبنا. الكارثة أكبر من قدراتنا البشرية والمادية ونحتاج إلى خبرات وقدرات دولية”.
وأوضح: “اتّخذت القرار منفرداً في طلب الاستغاثة الدولية ويجب أن نستفيد منها لمصلحة شعبنا والمنكوبين”.
وصف نائب رئيس إدارة الكوارث والطوارئ التركية “آفاد” حمزة طاش دلن، أمس السبت، آثار كارثة الفيضانات في ليبيا بأنّها أشبه بالزلزل.
وقال طاش دلن، في تصريحات لوكالة الأناضول، إنّ “الوضع على الأرض سيّئ جداً، الدمار في المنازل أشبه بما يخلّفه الزلزال”.
وعن المهام التي قامت بها طواقم “آفاد”، أوضح أنّهم قسموا المناطق المنكوبة انطلاقاً من أولوياتهم بالعثور على ناجين أو محاصرين.
وبلغ عدد طاقم “آفاد”، بحسب ما بيّن طاش دلن، 168 عنصراً، أتوا بثلاث طائرات شحن، من ضمنهم طواقم بحث تحت الماء وعلى السطح.
وأشار إلى أنّهم كانوا من بين أوّل طواقم الإنقاذ، وأنّ الفرق الوافدة من دول أخرى نسّقت مع الفريق التركي لاحقاً من أجل توزيع العمليات.
كذلك لفت طاش دلن إلى وصول سفن المساعدات الإنسانية التركية تباعاً إلى الشواطئ الليبية، موضحاً أنّهم سوف يشرفون على توزيعه محتواها.
أعلن وزير الصحة التركي فخر الدين قوجة عن وصول معدّات طبية وطاقم دعم مؤلّف من 148 شخصاً إلى ليبيا المتضرّرة من العاصفة دانيال.
وأوضح قوجة، في منشور على منصة “إكس”، مساء السبت، أنّ 159 عنصراً طبياً تركياً يعملون حالياً في المستشفيات الميدانية في ليبيا.
وأكّد قوجة أن وجود الفرق التركية في ليبيا مهمّة إنسانية وأخوية.
قال رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا عبد الله باتيلي، أمس السبت، إنّ ما شاهده من دمار في مدينة درنة شمال شرقي البلاد “يُدمي القلب”، عقب الفيضانات التي اجتاحتها.
جاء ذلك في تدوينة نشرها باتيلي عبر حسابه الشخصي على منصة “إكس”، عقب زيارته مدينة درنة التي اجتاحتها السيول والفيضانات وخلّفت آلاف القتلى والمفقودين.
وأوضح باتيلي: “غادرت درنة مساء اليوم بقلب حزين بعد أن عاينت الدمار الذي خلفته الفيضانات في الأرواح والممتلكات الخاصة والعامة”.
أضاف أنّها “مشاهد تدمي القلب نظراً إلى حجم الكارثة التي شاهدتها عن قُرب”، مقدّراً أنّ “الأزمة تتجاوز قدرة ليبيا على إدارتها وتتجاوز السياسية والحدود”.
وتابع باتيلي: “تتعاون الأمم المتحدة بفاعلية مع السلطات المحلية ووكالات الإغاثة على الأرض لتقديم المساعدة الضرورية للمحتاجين”.
وأكمل المسؤول الأممي أنّ “فريق الأمم المتحدة يجري أيضاً مزيداً من التقييم للوضع لتعزيز تنسيق جهود الاستجابة في درنة والمناطق المتضرّرة الأخرى”.
اضف تعليق